12/07/2025

في تأكيد جديد على صرامة القضاء المغربي في مواجهة حملات التشهير الموجهة ضد مؤسسات الدولة ورجالاتها، أصدرت المحكمة الزجرية بعين السبع، مساء الثلاثاء 8 يوليوز، حكمًا نهائيًا في واحدة من القضايا التي أثارت الكثير من الجدل، بعدما ثبت تورط موظف متقاعد بمحكمة الاستئناف التجارية في تسريب معطيات مغلوطة لحسابات أجنبية تستهدف النيل من سمعة الجهاز القضائي.

فقد أدين ع.م، الموظف السابق، بخمس سنوات حبسًا نافذًا، إلى جانب غرامة مالية قدرها 5000 درهم، مع مصادرة المحجوزات المرتبطة بالقضية لفائدة الدولة، والأمر بحذف كافة الفيديوهات والصور ذات الصلة من الوسائط الإلكترونية. كما ألزم الحكم المتهم بنشر ملخص القرار القضائي في صحيفتين وطنيتين، باللغتين العربية والفرنسية، ورقيًا ورقميًا وعلى نفقته الخاصة.

تسريبات ممنهجة لضرب صورة القضاء

تعود خيوط هذه القضية إلى تورط المتهم في التواصل مع شخص يُدعى جيراندو، يقيم في كندا، معروف بعدائه المعلن لمؤسسات الدولة المغربية على شبكات التواصل، حيث أظهرت التحقيقات أن منياوي كان يمده بمعلومات كاذبة تستهدف عدداً من المسؤولين القضائيين البارزين، منهم رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء، ورئيس كتابة الضبط، ورئيس المحكمة الزجرية في إطار حملة ممنهجة لتقويض ثقة الرأي العام في العدالة.

أدلة رقمية حاسمة

الخبرة التقنية التي أجرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على هاتف المتهم وحاسوبه، أكدت وجود مراسلات منتظمة بينه وبين جيراندو عبر تطبيق “واتساب”، تتضمن تحريضًا صريحًا على الإساءة والتشهير، باستخدام عبارات دالة، أبرزها: “عطي لمّو”، ما دعم موقف النيابة العامة وأثبت نية الإضرار المقصودة بمؤسسات الدولة.

جلسة ساخنة ومرافعة فاصلة

خلال جلسة استمرت نحو خمس ساعات، حاول المتهم تفادي مسؤوليته القانونية، مبررًا أفعاله باضطرابات نفسية، دون تقديم أي إثباتات أو تقارير طبية. لكن المحكمة واجهته بالأدلة التقنية والبصمات الرقمية، ما جعله ينهار أمام القاضي ويلتزم الصمت.

وقد شكلت مرافعة النيابة العامة، التي قادها أحد نواب وكيل الملك الشباب، لحظة حاسمة في مسار الجلسة، حيث ركزت على التحول الجذري الذي تعرفه العدالة المغربية، من خلال اعتمادها على الأدلة العلمية والتقنية بدلًا من الشهادات التقليدية، مؤكدة أن المتهم سلك مسارًا منحطًا لتصفية خلافات شخصية على حساب مؤسسات الوطن.

تعويضات معتبرة للضحايا

على المستوى المدني، قضت المحكمة بتعويض عدد من المتضررين، على رأسهم:

  • 800 ألف درهم لفائدة الأستاذ خالد العضرواي؛
  • درهم رمزي لكل من الموظف حسن الحايل، والنقابة الديمقراطية للعدل، والنقابة الوطنية لموظفي العدل؛
  • 150 ألف درهم لكل من باقي المطالبين بالحق المدني.

موقف رادع ورسالة واضحة

يمثل هذا الحكم محطة مفصلية في مسار الدفاع عن هيبة القضاء المغربي، ورسالة واضحة إلى كل من يسعى إلى ضرب مصداقية العدالة أو تشويه صورة قضاة المملكة عبر منصات خارجية أو أدوات رقمية مغرضة.

وفي ظل الحملات الممنهجة التي تستهدف مؤسسات الدولة، يثبت القضاء المغربي مرة أخرى أنه حصن منيع تحميه قوة القانون والأدلة العلمية، وأنه يقف بالمرصاد لكل محاولات الإساءة التي تتعارض مع قيم العدل ومبادئ دولة المؤسسات.